السودانيون شعراء بطبعهم، تراثنا في هذا الباب كثيف جداً، كما يكاد القرن العشرين يكون قرن الشعر في بلدنا، فلا أحد اهتم بالأدب أو الثقافة، إلا وكتب قصيدة في فترة الصبا المبكر أو في الشباب. ربما يجيء ذلك لأن الشعر فعل وجداني يقرب الإنسان من ذاته ويحقق له نوعاً من الصفاء النفسي؛ أن يجد معادلاً لعالم خارجي متأزم. أو لأن الشعر هو الغايات البعيدة التي نحلم بها ولم نصلها. مرةً، قال الشاعر والأديب الفرنسي، جان كوكتو، عبارته الشهيرة: “الشعر ضرورة وآه لو أعرف لماذا”، وهو يطرح بدرجة ملموسة سؤال الشعر: لماذا نحن في حاجة إليه؟ وهذا السؤال قطعاً يجر وراءه أسئلة تقبع في تلافيف الذهن البعيدة. هل الشعر هو الهواء الذي نتنفسه كنوع آخر من الأوكسجين الذي يغذي العقل بطريقة ما، فيعدل المزاج الإنساني وينقله إلى مساحة أخرى مفقودة أو غائبة من الزمن؟ إن كوكتو كان عاجزاً عن ابتكار الإجابة على ضرورة الشعر، لكنه كان من خلال ذلك السؤال يفتح الأشرعة لكي نصنع ونبتكر المزيد من الاستعارات والأخيلة لنثبت الضرورة المستمرة للشعر، علّنا من خلال ذلك نستطيع أن نصل إلى ماهية ذلك الساحر الغريب الذي تارة يأتي بإي
موقع للكاتب السوداني عماد البليك يهتم بالرواية والأدب والفن والخيال