التخطي إلى المحتوى الرئيسي

روﺍﻳﺔ "ﺑﺚ ﻣﺒﺎﺷﺮ " .. ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺷﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋﻘﻮﺩ

بقلم / محمد علي نجيلة

ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻗﺮﺃﺕ ﺃﺳﻢ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰ ‏(ﺑﺚ ﻣﺒﺎﺷﺮ ) لعماد البليك، ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺎﻫﻰ ﺇﻟﻰ ﺫﻫﻨﻲ ﺳﺆﺍﻝ ﺑﺚ ﻋﻦ ﻣﺎﺫﺍ؟ ﻇﻞ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻳﻄﺎﺭﺩﻧﻲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ ﺣﺘﻰ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺭﻭﻳﺪﺍ ﺭﻭﻳﺪﺍ.. ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﻏﺎﻣﻀﺔ.. ﻣﺸﻮﺷﺔ.. ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻷﻣﺴﺎﻙ ﺑﻬﺎ ﻛﺎﻟﻈﻞ ﺗﻤﺎﻣﺎ.. ﻭﺳﻮﻑ ﻟﻦ ﺗﺘﻀﺢ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﺃﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ..
ﺃﺗﺖ الرواية ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ‏(ﻣﻨﻮﻟﻮﺝ‏) ﻭﻫﻮ ﻓﻦ ﻣﺴﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺴﺮﺡ.. ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻒ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﺙ ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺴﻤﻮﻉ ﻋﻤﺎ ﻳﺨﺎﻟﺞ ﺭﻭﺣﻪ.. ﺑﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﻤﺎﻣﺎ.. ﻳﻌﺒﺮ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮﻩ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺠﻮﻝ ﺑﺨﺎﻃﺮﻩ.. 
ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻫﻜﺬﺍ ﺃﺗﻰ ﺷﻜﻞ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﻫﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺷﺨﺺ ﺃﺳﻤﻪ ‏(ﻣﺮﺟﺎﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ) ﺃﺑﺴﻂ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ‏(ﻣﻀﻄﺮﺏ) ﻧﻔﺴﻴﺎ ﻭﻓﻜﺮﻳﺎ.. ﺗﻨﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻜﻮﻙ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﺟﺲ.. ﺗﺠﺎﻩ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ.. ﺑﺪﺀﺍ ﻣﻦ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﺃﻗﺎﺭﺑﻪ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺀﻩ ﻣﺮﻭﺭﺍ ﺑﻮﻃﻨﻪ.. ﻓﺤﻜﺎﻳﺘﻪ ﺗﺒﺪﺃ ﻣﻨﺬ ﻧﺸﺄﺗﻪ ﻭﺳﻂ ﺃﺳﺮﺓ ﻣﻴﺴﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺎﻝ.. ﺩﺭﺱ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺑﺄﻭﻛﺮﺍﻧﻴﺎ.. ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻴﺚ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺑﻔﺘﺎﺓ ﺃﻭﻛﺮﺍﻧﻴﺔ ﻟﻴﻨﺠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻃﻔﻼ ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻻﺣﻘﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﺧﺘﻪ.. ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺗﺰﻭﺝ ﻣﻦ ﻭﺍﻟﺪﺓ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﻗﺪﻳﻤﺎ.. ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻡ ﺍﻷﺏ ﺑﺄﺧﻔﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺄﻟﻪ "ﻣﺮﺟﺎﻥ" ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ.. ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻛﺘﺸﺎﻑ ﺗﺮﻙ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ‏(ﻣﺮﺟﺎﻥ) ﺷﺮﺧﺎ ﻛﺒﻴﺮﺍ.. ﻓﺄﺧﺘﺎﺭ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﺇﻟﻰ ﺩﺑﻲ.. ﻟﻴﻌﻤﻞ ﺑﻘﻨﺎﺓ ﻓﻀﺎﺋﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ.. ﻳﻘﻀﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﺸﺮﺏ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﻤﺎﻝ.. ﻟﻴﻘﻊ ﻓﻲ ﺣﺐ ﺃﺣﺪﻯ ﺍﻟﻔﻠﺒﻴﻨﻴﺎﺕ.. ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻗﻔﺖ ﻣﻌﻪ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﺮﺿﻪ ﺍﻟﻌﻀﺎﻝ.. ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺃﻧﻌﻜﺎﺳﺎ ﻟﺮﻭﺣﻪ ﺍﻟﻤﻬﺸﻤﺔ.. ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮﻩ ﺷﻔﺎﺀﻩ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻏﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺗﻔﻜﻴﺮﻩ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﺗﺰﺍﻧﺎ.. 
ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺔ ﺣﺎﻝ ﺗﻨﺘﺤﺮ ﻋﺸﻴﻘﺘﻪ ﺍﻟﻔﻠﺒﻴﻨﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺳﺒﺐ ﻭﺍﺿﺢ.. ﻭﻏﺎﻟﺒﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻷﻟﺘﺼﺎﻗﻬﺎ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﺮﻭﺡ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻟﺒﺎﺋﺴﺔ.. ﺛﻢ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺮﺍﺟﻴﺪﻳﺔ ﺗﻘﻀﻲ ﺑﺄﻧﺘﻜﺎﺳﺔ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻣﻨﺘﺤﺮﺍ.. 
ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺑﻤﺸﻬﺪ اﻋﺘﻘﺎﻟﻪ ‏(ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ‏) ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻮﺩ إﻟﻴﻪ ﻋﺒﺮ ﺭﺣﻠﺔ ﻣﻬﻨﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻏﻴﺎﺏ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻴﻤﻜﺚ ﻓﻴﻪ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺳﺎﺑﻴﻊ .



ﻣﺮﺟﺎﻥ / ﺭﻣﺰﻳﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻳﺔ:

ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﻭﻱ ‏(ﻣﺮﺟﺎﻥ ) ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺃﺳﻄﻮﺭﻳﺔ.. ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻧﺴﺘﺸﻔﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ.. ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮ.. فمثلا ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻨﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﺪﻟﻪ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﻭﻫﻮ ﺭﺟﻞ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﻭﺍﻟﺪﻩ له عند وصوله الخرطوم..
ﺃﺑﺘﺴﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﺃﺳﻨﺎﻥ ﺻﻔﺮﺍﺀ ﻣﻠﻮﻧﺔ ﻛﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻴﺪ ﺍﻟﺴﻮﺍﻙ، ﺭﺩ ﻋﻠﻲ ﺑﺄﻧﻔﻌﺎﻝ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ :
" ﻛﺄﻧﻚ ﻏﺒﻲ، ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﺮﻭﺟﻮﻥ ﻋﻨﻚ ﺃﻧﻚ ﺫﻛﻲ "
ﻫﺬﻩ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻌﺐ ‏(ﻣﺮﺟﺎﻥ) ﻭﻫﻲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺭﺃﻱ ﺻﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ  ﺃﻭ ﺭﺟﻞ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ. 
ﻭﻳﻘﺎﻝ ﻋﻨﻪ ﺃﻳﻀﺎ..
"... ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻨﻲ ﺑﻌﺾ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻭﺯﻣﻼﺋﻲ - ﺇﻥ ﻭﺟﺪﻭﺍ - ﺃﻧﻨﻲ ﺷﻔﺎﻑ ﻣﺼﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺯﺟﺎﺝ "
"... ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻋﻨﻲ ﺃﻧﻨﻲ ﻏﺎﻣﺾ، ﺃﻋﻨﻲ ﺯﻣﻼﺋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﺲ ﻣﺜﻼ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ﺑﻌﺪﻩ ﻭﺃﻧﻨﻲ ﺃﺑﺪﻭ ﻛﻄﺎﺋﺮ ﻣﻬﻴﺾ ﺍﻟﺠﻨﺎﺡ "
ﻫﺎﺗﺎﻥ ﺍﻟﺮﺅﻳﺘﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺘﺎﻥ ﺗﺆﻛﺪ ﺃﺳﻄﻮﺭﻳﺔ ﻣﺮﺟﺎﻥ، ﺇﺫ ﺃﻧﻪ ﻳﺒﺪﻭ ﺑﺄﺷﻜﺎﻝ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﺃﻳﻀﺎ، ﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎﻫﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻭﺍﻟﺪﻗﺔ. ﺛﻢ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺅﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﺸﺨﺼﻴﺘﻪ. 
ﻳﻘﻮﻝ "ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﺃﻧﻬﻦ ﻳﻘﻠﻦ ﻋﻨﻲ ﺃﻧﻨﻲ ﻛﺎﺋﻦ ﻣﺘﺴﺎﻣﺢ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺃﻟﻮﻑ ﻭﺻﺎﺩﻕ ﻭﻧﺒﻴﻞ، ﻛﻠﻬﻦ ﻳﻘﻠﻦ ﺫﻟﻚ. ﺑﻨﺖ ﺧﻮﻻﻙ ﻭﻣﻦ ﺟﺌﻦ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ، ﻭﺯﻣﻴﻼﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﺑﻤﻦ ﻓﻴﻬﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺘﻌﺠﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻲ ﺃﻧﻨﻲ ﺷﻴﻄﺎﻥ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺿﻞ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺇﻟﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺤﺘﻀﻦ ﺇﻻ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ".
ﻫﻨﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﻟﻨﺎ ‏(ﻣﺮﺟﺎﻥ) ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻼﻙ ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﻭﻫﻲ آﺭﺍﺀ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻋﻦ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ، ﻓﺤﺘﻰ ﻣﺮﺟﺎﻥ ﺫﺍﺗﻪ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻧﻔﺴﻪ ﺟﻴﺪﺍ، ﻟﺬﺍ ﻋﺎﺵ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﺘﻼﻃﻤﺔ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﻬﺪﻭﺀ، ﻭﻻ ﺍﻟﺮﺃﻓﺔ ﺣﻴﺎﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺟﻠﻴﺎ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ ﺍﻵﺗﻴﺔ .



ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺮﺟﺎﻥ ﺍﻟﻤﺸﻮﻫﺔ :

"... ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻧﻪ ﺃﻣﺮ ﻣﺰﻳﻒ ﻓﺤﻘﻴﻘﺘﻲ ﺃﻧﻨﻲ ﻫﺎﺯﻝ ﺑﺄﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻓﻜﺮﺓ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﺲ ﻭﻻ ﺍﻟﻴﻮﻡ. ﻭﻻ ﺃﻓﻜﺮ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﺠﺮﻱ ﻏﺪﺍ. ﺃﻧﺎ ﻛﺎﺭﻩ ﻟﺬﺍﺗﻲ ﻭﻟﺤﻴﺎﺗﻲ، ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻟﻪ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﺑﺼﺪﻕ..."
"... ﺃﻗﻒ ﺃﻣﺎﻡ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﻣﺮﺁﺓ ﻣﺸﺮﻭﺧﺔ ﻓﻲ ﺷﻘﺘﻲ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ، ﻷﺳﺄﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺒﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻧﺎ.. ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻧﺖ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻀﻠﻴﻞ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻨﺎﻫﺾ، ﻭﻫﻞ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ؟"
ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻛﺮﻣﺰ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺃﻧﻌﻜﺎﺳﺎ ﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺸﺨﺺ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺸﺮﻭﺧﺔ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺳﻮﻑ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻬﺘﺰﺓ ﻭﻧﺎﻗﺼﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ، ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺻﻮﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻦ ﺟﻮﻫﺮﻩ ﺍﻟﻤﺸﻮﻩ ﻭﺍﻟﻐﻴﺮ ﻣﺤﺪﺩ ﻛﻤﺎ ﺳﻤﻰ ﻧﻔﺴﻪ ‏(ﺍﻟﺸﺒﺢ) ﻟﺘﻠﺘﻘﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭﺗﺎﻥ ﻓﻲ ﺷﺨﺺ إﻧﺴﺎﻥ ‏(ﺷﻌﺐ ) ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺫﺍﺗﻪ ﻣﺤﺎﻭﻻ ﺍﻷﺭﺗﻘﺎﺀ، ﺑﺮﻏﻢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﺮﻳﻪ ﻣﻦ ﺃﺿﻄﺮﺍﺏ ﻭﺗﺮﺩﻱ

ﺍﻟﺒﻄﻞ / ﺃﺧﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﻭﺍﻥ:

"... ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻮﺍﺑﻴﺲ ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﺧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺗﺠﻌﻠﻨﻲ ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺛﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ، ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺒﻊ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺴﺮﺩﺍﺏ ﺇﻥ ﻣٌﺖ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻌﻠﻘﺎ ﺑﺤﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻘﻒ، ﺃﻭ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻗﺮﺍﺹ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﺘﺮﻳﺘﻬﺎ ﻭﻭﺿﻌﺘﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺃﻳﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺰﺍﻧﺔ ﻭﺳﻂ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﺃﻧﺘﻈﺎﺭ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ؟..."
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬﺍ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ‏(ﺍﻷﺳﺘﺒﺎﻕ) ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺳﻤﻴﺮ ﺍﻟﻤﺮﺯﻭﻗﻲ ﻭﺟﻤﻴﻞ ﺷﺎﻛﺮ: (ﻣﺪﺧﻞ ﺇﻟﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺼﺔ) ﺹ 80: "ﺍﻷﺳﺘﺒﺎﻕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺳﺮﺩﻳﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺃﻳﺮﺍﺩ ﺣﺪﺙ ﺁﺕ، ﺃﻭ ﺍﻷﺷﺎﺭﺓ إﻟﻴﻪ ﻣﺴﺒﻘﺎ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ ﺳﺒﻖ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ".. 
ﻓﻠﻸﺳﺘﺒﺎﻕ ﺷﻜﻼﻥ ﺃﻭﻟﻬﻤﺎ ﻳﺴﻤﻰ ‏(ﺃﻋﻼﻥ‏) ﻭﻓﻴﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﻠﺰﻣﺎ ﺑﺄﻳﺮﺍﺩ ﻣﺎ ﺃﺧﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﻻﺣﻘﺎ، ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﻣﺜﺎﻝ ﺭﻭﺍﻳﺘﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﻳﺴﻤﻰ ‏(ﻓﺎﺗﺤﺔ) ﻭﻫﺬﺍ ﺑﻌﻜﺲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻻ، ﻭﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻏﻴﺮ ﻣٌﻠﺰﻡ ﺑﺘﺤﻘﻴﻘﻪ، ﻭﻛﻤﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺟﻴﺮﺍﺭ ﺟﻨﻴﺖ ‏(ﺍﻟﻔﻮﺍﺗﺢ ﺍﻟﺨﺎﺩﻋﺔ) ‏ amorees fausses ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﺗﻢ ﺃﺛﺒﺎﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍلإﻧﺘﺤﺎﺭ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﻋﺪﺓ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﻭﺷﺮﻭﻋﺎﺕ ﺃﻧﺘﺤﺎﺭﻳﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺟﺴﺪﻳﺔ، ﺣﺘﻰ ﺗﺄﺗﻲ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﻘﺎﺻﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ﻓﻴﻘﻮﻡ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﺎ ﺧﻄﻂ ﻟﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ، ﻭﻫﺬﺍ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻟﻠﺒﻄﻞ ﻻﺣﻘﺎ، ﻓﻌﻤﻠﻴﺔ ‏(ﺍﻷﺳﺘﺒﺎﻕ‏) ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻻ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻘﻘﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻗﺪ ﺃﺑﺎﺡ ﺑﻔﻜﺮﺗﻪ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺑﻜﺎﻣﻞ ﺍﻷﺣﺘﺮﺍﻓﻴﺔ .

محمد علي نجيلة

ﺍﻷﺏ / ﺍﻷﻡ ﻭﺟﻬﺎﻥ ﻟﻮﻃﻦ ﻟﻮﺍﺣﺪ :

ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺃﺗﺨﺬ ﻣﻦ ﺍﻷﺏ ﻭﺍﻷﻡ ﺭﻣﺰﻳﺔ ﻟﻪ، ﻳﺘﻀﺢ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻣﻊ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ، ﻭﻟﻚ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻋﻨﻬﻤﺎ .
".. ﺃﻧﻪ ﺃﺑﻲ.. ﻭﺃﺳﺮﻋﺖ ﻧﺤﻮﻩ ﻟﻜﻲ ﺃﺣﺘﻀﻨﻪ.. ﻟﻜﻨﻪ ﺃﺯﺍﺣﻨﻲ ﺑﻬﺪﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺭﺍﺀ ﻗﺎﺋﻼ :ﺃﺟﻠﺲ ﻣﻜﺎﻧﻚ. ﻟﻢ ﻳﺰﺩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ.. ﻭﻟﻢ ﻳﻨﻈﺮ ﺑﺄﺗﺠﺎﻫﻲ ﻛﺄﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻬﺘﻢ ﺑﻲ ﺃﺻﻼ.. ﻭﺷﻜﻜﺖ ﻫﻞ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻓﻨﻲ ؟!"
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻣﻊ ﺍﻷﺏ ﻗﺪ ﺗﻢ ﺑﻌﺪ ﻋﻮﺩﺓ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﺪﻩ، ﻓﺎﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﻀﻦ ﺍﻷﺏ ﺃﺑﻨﻪ ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﻋﻘﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭﻫﻲ ﻣﺪﺓ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺟﺪﺍ ﻷﺯﺍﻟﺔ ﺃﻳﺔ ﺗﺮﺳﺒﺎﺕ ﺇﻥ ﻭﺟﺪﺕ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﻜﺸﻒ ﺃﻥ ﺍﻷﻭﻃﺎﻥ ﺗﺼﺒﺢ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﺋﺪﻳﻦ، ﻭﻻ ﺗﺤﻔﻞ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﺒﺘﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺮﺩﻳﺌﺔ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻤﺎ ﻗﺎﺳﻮﻩ ﻟﺤﻈﺔ ﻭﺻﻮﻟﻬﻢ ‏(ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍلاﻋﺘﻘﺎﻝ).

ﺍﻷﻡ / ﺗﻐﻴﺮ ﺣﺎﻝ ﻭﺷﻜﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ :

"... ﺃﻣﺎ ﺃﻣﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻲﺀ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﺸﺆﻡ، ﻓﻘﺪ ﺗﻐﻴﺮﺕ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﺮﻓﻬﺎ، ﻫﻞ ﻫﻲ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﺴﺘﻌﺎﺭﺓ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻡ ﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ؟ ﺍﻟﺸﻚ ﺳﺎﻭﺭني .."
ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻏﻴﺎﺏ ﻋﻘﺪﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺻﻮﺭﺓ ﺍأﻡ ﺳﻮﻑ ﺗﺬﻭﺏ ﻭﺗﻤﺤﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ، ﻷﻥ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻷﻡ ﺃﻗﺮﺏ ﺩﻭﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﻦ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻪ، ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻟﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺒﻠﺪ، ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺳﺎﻛﻨﻴﻪ ﻭﺷﻜﻠﻪ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭﺳﻮﻑ ﺃﻭﺭﺩ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺑﻌﺪ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﺃﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺳﻠﺒﻲ ﺃﻡ ﺃﻳﺠﺎﺑﻲ ؟
"... ﻭﺃﻣﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻀﺮ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺩﺍﻓﻊ ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﺳﺎﻓﺮ ﻟﺮﺅﻳﺘﻬﺎ، ﻓﺄﻧﺎ ﺃﻛﺮﻫﻬﺎ.. ﻗﻠﺖ ﺫﻟﻚ ﺩﻭﻥ ﺃﺩﻧﻰ ﺷﻔﻘﺔ ﻭﻻ ﻣﺤﺒﺔ..."
ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻡ ﻭﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍلإﺣﺘﺮﺍﻡ، ﻭﻓﻲ ﺃﺳﻮﺃ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻟﻔﺮﻭﺽ ﺗﻜﻮﻥ ‏(ﺑﺎﺭﺩﺓ) ﻟﻜﻦ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﺒﻄﻞ ‏(ﺑﺎﻟﻜﺮﻩ‏) ﺗﺠﺎﻩ ﺃﻣﻪ ﺃﺿﺎﻓﺔ ﻟﻌﺪﻡ ﺃﻛﺘﺮﺍﺛﻪ ﻟﻤﺮﺿﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺃﺣﺘﻀﺎﺭﻫﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻏﻴﺮ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﺕ ﺳﺎﺑﻘﺎ، ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻛﺎﻥ ﺳﻠﺒﻴﺎ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ‏(ﺍﻷﺣﺘﻀﺎﺭ) ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍلاﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤﺘﺮﺩﻱ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ، ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻼﻫﻤﺎ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ ﺃﺻﺎﺏ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺑﺎﻟﻌﻄﺐ .

ﺍﻷﺏ / ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺃﺩﻋﺎﺀ ﺍﻷﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ :

"... ﻟﻜﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻧﻪ ﺃﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻧﻪ ﻛﺬﺍﺏ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺃﺛﺒﺎﺕ ﺳﻮﻯ ﺷﻌﻮﺭﻱ ﺑﺬﻟﻚ. ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﺗﻀﺢ ﻟﻲ ﺻﺪﻕ ﺣﺪﺳﻲ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻧﺘﻬﻰ ﺑﺄﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﺭﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺎ ﻗﺤﺎ ﻭﻧﻔﻌﻴﺎ ﻻ ﻳﺤﺘﺮﻡ ﺳﻮﻯ ﻋﻔﻦ ﺍﻟﺨﺒﺰ .."
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻛﺒﺮ ﺍﻵﻓﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﻬﻜﺖ ﺍﻟﻮﻃﻦ، ﻓﺎﻟﺘﺨﻠﻒ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺗﺘﺄﺧﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺮﺟﻌﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺭﺍﺀ ﻷﺯﻣﺎﻥ ﺳﺎﺑﻘﺔ، ﻭﻧﺤﻦ ﺑﻼ ﺷﻚ ﻣﺼﺎﺑﻮﻥ ﺑﺎﻟﺮﺟﻌﻴﺔ، ﻭﻧﺴﺘﺸﻒ ﺫﻟﻚ ﺑﺠﻼﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪﻋﻨﺎ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ، ﻋﻦ ﺍﻷﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺟﻠﻬﺎ ﻣﻀﺖ ﺃﺩﺭﺍﺝ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ، ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺭﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺎ ﻓﺠﺎ ﻭﻇﺎﻟﻤﺎ، ﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻋﻬﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻼﻡ .

ﺍﻟﺰﻫﺎﻭﻱ / ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢ:

ﺑﻌﺪ ﺃﻋﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻭﺻﺪﻳﻘﻴﻪ ﻭﺧﺮﻭﺟﻬﻢ ﻳﺤﻄﻮﻥ ﺑﻔﻨﺪﻕ ﺑﻮﺳﻂ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ، ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻴﺚ ﻳﻠﺘﻘﻮﻥ ﺑﻤﺪﻳﺮ ﺍﻟﻔﻨﺪﻕ ‏(ﺯﻫﺎﻭﻱ‏) ﻭﻟﻨﻜﺘﺸﻒ ﻣﻌﺎ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻴﺔ .
"... ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻭﺧﻼﻝ ﻋﻘﻮﺩ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻛﻮّﻥ ﺻﺪﺍﻗﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﻬﺎ ﻭﺻﺎﺭ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﺟﺪﺍ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ ﻭﻓﺮﺽ ﺳﻴﺎﺝ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﻭﺃﺧﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣﺜﺎﺭﺍ ﻟﻠﺸﺎﺋﻌﺎﺕ ﻭﻟﻐﺰﺍ ﻏﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺗﻤﺎﻣﺎ، ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻫﻮﻳﺘﻪ ﻛﻤﺜﻘﻒ ﻭﻭﺟﻮﺩﻱ ﻗﺪﻳﻢ ﺃﻭ ﺭﺟﻞ ﻣﺴﻄﻮﻝ ﻭﻣﺤﺸﺶ، ﺃﻭ ﺃﺩﺍﺭﻱ ﻣﺤﻨﻚ ﺃﻭ ﺭﺟﻞ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺃﻭ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺃﻭ ﺟﺎﺳﻮﺱ ﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻷﻣﻦ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﺃﻭ ﻛﺎﺋﻦ ﻣﺨﻨﺚ ﺑﻼ ﻫﻮﻳﺔ ﺟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ .."
ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻤﺘﻀﺎﺭﺑﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻋﻦ ﺟﻮﻫﺮﻩ ﺃﻭ ﺷﻜﻠﻪ ﺍﻟﻤﺸﻮﻩ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻫﺎﻭﻱ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺭﻣﺰﻳﺔ ﺃﺳﻄﻮﺭﻳﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻔﻘﺪ ﻭﺍﻗﻌﻴﺘﻬﺎ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻭﺷﺨﺼﻴﺔ ‏(ﻣﺮﺟﺎﻥ).. ﻓﺎﻟﺰﻫﺎﻭﻱ ﺩﻻﻟﺔ ﻟﻠﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍلاﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍلاﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﺃﻳﻀﺎ.. ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺗﻜﺸﻔﻬﺎ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﻣﻊ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﺴﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪ.. ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﺘﺠﺎﺭ ﺑﺎﻟﻔﺘﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺪﻋﺎﺭﺓ.. إﺿﺎﻓﺔ ﻟﻤﺪ ﺯﺑﺎﺋﻦ ﺍﻟﻔﻨﺪﻕ ﺑﺎﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﻜﺮﺍﺕ ﻭﻓﺘﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻋﺎﺭﺓ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺃﻫﺪﺍﺭ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ، ﻭﺷﻜﻞ ﺁﺧﺮ ﻟﺴﻮﺀ إﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﻟﺒﻼﺩﻫﺎ ﻭﻣﻮﺍﺭﺩﻫﺎ .

ﺍﻟﺒﻄﻞ / ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ:

ﻛﻤﺎ ﺃﺳﻠﻔﺖ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ ﺃﻥ ‏(ﻣﺮﺟﺎﻥ‏) ﻣﺼﺎب ﺑﺪﺍﺀ ﻋﻀﺎﻝ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﺘﻨﻔﻪ، ﻭﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﺸﻔﻲ ﻭﺍﻟﻨﺪﻡ ﻣﻦ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ، ﻭﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻷﻧﺘﻘﺎﻡ، ﻭﺍﻟﻐﺮﻕ ﻣﻊ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ‏(ﺫﺍﺗﻲ) ﻷﻥ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ ﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﺗﺰﺍﻣﻨﺎ ﻣﻊ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ، ﻭﺭﺅﻳﺘﻪ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺁﻧﻲ، ﻭﻟﻨﺮﻯ ﻛﻴﻒ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ .
"... ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻭﺭﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﻓﻌﻠﻴﺎ، ﻓﺎﺭﻗﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﺼﺎﻟﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﺍﻟﺴﻬﺮ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ، ﻭﻣﻼﺣﻘﺔ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﻣﻌﺎﻗﺮﺓ ﺍﻟﺨﻤﻮﺭ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ﺍﻟﻠﻴﻠﻴﺔ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻵﻓﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺎﺻﺮﻧﻲ، ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻚ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ ﻭﺷﻜﻲ ﻓﻲ ﻭﺍﻟﺪﻱ، ﺃﺑﻲ ﻭﺃﻣﻲ، ﻭﻋﻼﻗﺘﻲ ﺍﻟﻤﺮﻳﺒﺔ ﻣﻌﻬﻤﺎ .."
ﺃﺫﻥ ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻟﻸﻣﺎﻡ، ﻭﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺗﺴﺎﻣﺤﻪ ﻣﻊ ‏(ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ‏) ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻫﻲ ﻣﺮﺑﻂ ﺍﻟﻔﺮﺱ، ﻓﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻣﻬﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻳﺠﺐ ﺃﻻ ﻧﻌﻄﻴﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ، ﺗﻜﻔﻴﻨﺎ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻤﺆﺷﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﻢ ﺑﺸﻘﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻤﻀﻲﺀ، ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻥ، ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺫﻟﻚ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ، ﻭﺍﻟﻤﻀﻲ ﻗﺪﻣﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﺮﺿﻴﻨﺎ، ﻭﻫﻲ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ .

ﺍﻷﺑﻨﺔ ﺳﻤﻴﺮﺓ / ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﻝ:

"... ﺍﻵﻥ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺧﺒﺮﻛﻢ ﺑﺄﻥ ﺃﺑﻨﺘﻲ ﻋﻤﺮﻫﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻓﻘﻂ، ﻭﻟﺪﺕ ﻓﻲ ﻣﺴﻘﻂ ﺭﺃﺳﻲ ﻭﻟﻢ ﺃﺣﻀﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ، ﻓﺴﻤﻴﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺠﻮﺍﺭ ﺃﻣﻬﺎ ﻃﺒﻌﺎ ﻭﺟﺪﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﻫﺎﺗﻔﻴﺎ :ﺻﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ .. ﺗﺸﺒﻬﻚ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﺟﺪﺍ "
ﺗﺰﻭﺝ ﻣﺮﺟﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﺃﺓ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺔ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺨﻠﺺ ﻣﻦ ‏(ﺍﻟﻌﻘﺪ‏) ﺳﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ، ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻭﻣﻦ ﺃﻣﺮﺃﺓ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻳﺤﻮﻱ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﻬﻤﺔ، ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷﻭﻃﺎﻥ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ، ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﺭﺍﺷﺪﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭإﺩﺍﺭﻳﺎ، ﻭﻟﻴﺲ ﺗﺸﺒﺜﺎ ﻭﺃﺳﺘﺠﺪﺍﺀﺍ ﺑﺪﻭﻝ ﺃﺧﺮﻯ ‏(ﺭﻏﺒﺘﻪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻠﺒﻴﻨﻴﺔ ) ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻗﻮﻳﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ‏(ﺍﻷﺑﻨﺔ ﺳﻤﻴﺮﺓ) ﺯﺍﺧﺮﺍ ﺑﺎﻟﺘﻘﺪﻡ .

ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻱ :

"... ﻓﻬﺎﻫﻲ ﻓﻌﻼ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺎﺕ ﺗﺠﻮﺏ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺣﺪﺙ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﺗﻤﺎﻣﺎ، ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﺗﻤﺾ ﺳﻮﻯ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﺣﺘﻰ ﺟﺎﺑﺖ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺎﺕ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺷﺮﻗﺎ ﻭﻏﺮﺑﺎ، ﺷﻤﺎﻻ ﻭﺟﻨﻮﺑﺎ، ﺑﻞ ﻭﺻﻠﺖ ﻣﺸﺎﺭﻕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﻐﺎﺭﺑﻬﺎ ﻷﻥ ﺃﺣﺒﺎﺏ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺀ (ﻣﺮﺟﺎﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ) ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺟﻨﺴﻪ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺷﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻟﺸﺘﻰ ﺍﻷﺳﺒﺎب ﻭﺍﻟﻌﻠﻞ".
ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﺟﺎﻥ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺃﺳﻄﻮﺭﻳﺔ ﻓﻬﻮ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺃﺳﻄﻮﺭﻳﺔ، ﺃﻋﻨﻲ ‏(ﻣﺎﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ‏) ﻟﺬﻟﻚ ﺃﺳﺘﺤﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﺧﻢ ﺍلإﻋﻼﻣﻲ ﻭﺍلاﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻦ ﺟﺪﺍﺭﺓ..
ﻓﺜﻤﺔ ﻣﻦ ﻳﻈﻦ ﺃﻧﻪ اﻧﺘﺤﺮ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﺘﺨﻔﻴﺎ، ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﻃﺒﻴﺐ ﻧﻔﺴﻲ ﻳﻨﺸﺮ ﻗﺼﺔ ﻣﺮﻳﻀﻪ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻇﻦ ﺃﻧﻪ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻭﺗﻢ ﻧﻔﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﺎﻋﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻨﺎﺻﺮﻱ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺗﺼﺪﺭ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﺑﺎﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ... ﻭﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻻ ﺗﺤﻔﻞ ﻟﻤﻮﺕ ﺷﺨﺺ ﻋﺎﺩﻱ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ، ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺆﺷﺮﺍﺕ ﺗﺆﻛﺪ ﺃﺳﻄﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺒﻄﻞ، ﻭﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ، ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺠﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ .

ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻭﺍلاﻧﺘﺤﺎﺭ / ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻣﺴﺘﻤﺮﺍ:

"... ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻷﺳﻤﺮ ﻳﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﻋﻞ، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻟﻨﻤﺴﺎﻭﻱ ﻓﻴﻠﻴﻜﺲ ﻭﻟﻜﻦ ﺩﻭﻥ ﻣﻈﻠﺔ ﻃﺒﻌﺎ، ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﺍﻟﺒﺎﻧﻮﺭﺍﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮﺝ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺗﺤﺘﻪ ﻭﻫﻲ ﺗﻘﺘﺮﺏ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﺬﻫﻠﺔ - ﻳﺮﻯ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﺿﺤﻠﺔ، ﻳﺮﻯ ﺟﻨﻮﻧﻪ ﻭﻋﺎﻟﻤﻪ ﺍﻟﺴﺮﻣﺪﻱ ﻳﺘﻼﺷﻰ، ﻳﺤﺲ ﺃﻧﻪ ﺭﻭﺡ ﺃﺧﺮﻯ ﺟﺪﻳﺪﺓ.. ﺃﻥ ﺛﻤﺔ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ؟!"
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﻗﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺌﺔ ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻵﻥ، ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﺣﺘﻤﺎ، ﻓﻬﻲ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ ﻟﻠﻜﻢ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺸﺮﺧﺎﺕ ﻭﺍﻷﻧﻜﺴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻟﻠﺒﻄﻞ، إﺫ ﺃﻧﻪ ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻋﺎﺵ ﻓﻲ ﻛﻨﻒ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻭﺍﻟﺒﺆﺱ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻮﺟﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻐﻠﻐﻞ ﻓﻲ ﺭﻭﺣﻪ ﻳﺼﻌﺐ ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻪ، ﺃﻣﺎ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ ﻓﺬﻟﻚ ﻣﺮﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺑﺪﺃ ﺑﺎﻟﺘﺼﺎﻟﺢ ﻣﻊ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻛﻤﺎ ﻭﺻﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ "ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﺼﺎﻓﻴﺔ" ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺃﻧﺘﺤﺮ؟ 
ﻓﻲ ﻛﻠﺘﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻣﺸﻬﺪ ﺍﻷﺑﻨﺔ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻷﺑﻨﺔ ‏(ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ) ﻫﻲ ﻣﻜﻤﻠﺔ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ‏(ﻣﺮﺟﺎﻥ) ﺑﻌﺪ ﺭﺣﻴﻠﻪ، ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻗﺎﻡ ﺑﺰﺭﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺬﺭﺓ ‏(ﺑﺮﻭﺡ ﺻﺎﻓﻴﺔ )، ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮﻩ ﺁﺧﺮ ﺳﻄﺮ ﺑﺎﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ‏(إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻴﺸﻪ ﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﻗﺎﺩﻣﺔ) ﻣﺨﺘﺘﻤﺎ ﺑﺴﺆﺍﻝ ﻭﺟﻮﺩﻱ ﻓﻬﻮ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﺟﺎﺯﻣﺎ ﻛﻴﻒ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﻣﺼﻴﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﺬﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻤﻮ؟ 
ﻭﺍﻷﺭﺟﺢ ﻫﻲ ﺭﺅﻳﺔ ﻣﺘﻔﺎﺋﻠﺔ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺃﺧﺘﺎﺭ ﺃﻥ ﺗﻨﻤﻮ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻩ، ﻟﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺟذﻭﺭ ﻗﻮﻳﺔ، ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻟﻠﺼﻤﻮﺩ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺁﺕ، ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﺜﻠﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ "ﻣﻘﻄﻮﻉ ﻣﻦ ﺷﺠﺮﺓ"ﻭﺷﺨﺺ ﻣﻠﻴﺊ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﺠﺮﻭﺡ ﺍﻷﺧﺪﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴقة.

قضايا أخرى حفلت بها الرواية:

العادات والتقاليد/التشبث بالأوهام: من القضايا المهمة التي ناقشتها الرواية مسألة العادات والتقاليد البالية، ذلك ما يفسره عدم قدرة الأم من الأنفصال عن الأب برغم سوءه خوفا من نظرة المجتمع، والمسألة ليست مرتبطة بالطلاق وحده وإنما بجميع العادات والتقاليد الأخرى التي مازالت تجعل بيننا والعالم مسافة كبرى 
الجار المصري/علاقة السودان بمصر: أيضا أهتمت الرواية بعلاقة السودان بمصر، بحيث يعتبر الجار المصري للبطل مجسدا لذلك،  ويمكن القول أن العلاقة بينهما لها أوجه عديدة، كالغموض مثلا، هذا ما يفسره رغبة مرجان بمعرفة ما يخفيه نقاب زوجة المصري، كما أن الجار أيضا (يطمع) في زوجة مرجان، أضف أن هذا الجار بخيل إلا أن البطل قد عرف قيمة جاره بعد رحيله، أذن الغموض والطمع والبخل والأهمية جميع ذلك أوجه للعلاقة بين السودان ومصر.
مدير وزملاء مرجان/علاقة السودان بالخليج: هي أيضا علاقة ليست على وتيرة واضحة دائما، تتراوح بين المساعدة والتكبر والتخلي والاستفادة هذا فيما يخص شكل علاقة ونظرة الخليج إلى السودان، أما العكس أي نظرة السودان إلى الخليج أتت في شكل طمع وأعجاب وأحترام وعدم أكتراث كذلك، كل ذلك تم عرضه بواسطة الشخصيات الخليجية من مدراء وزملاء مرجان والأحداث التي جمعتهم في العمل وخارجه.
أميلدا العشيقة الفلبينية/علاقة السودان بآسيا: أتخاذ مرجان فتيات شرق آسيا وأختيار فلبينية كعشيقة له يرمز إلى الحاجة للتمازج والأعجاب بتلك الدول، فهو يرى فيهم الخلاص من آلامه وأوجاعه المستمرة، حتى أنه قرر الزواج من (أميلدا) وقد حبلت من بالفعل، غير أن أنتحارها أودى بكل ذلك طي الفشل الزريع، برغم كل المساعدات التي قدمتها له.
علاقة السودان بأوكرانيا/أوروبا: بالنظر إلي زواج الوالد من أوكرانية ثم لاحقا زواج مرجان من أوكرانية أيضا يتضح لنا أن العلاقة بين السودان وأوربا تمخضت بالفشل، فكلا الزواجين (الأندماج) فشلا في الأستمرار، بل أن زواج مرجان قد كان باطلا ومشوها لدرجة بعيدة، لذا أختار الهروب كنهاية رغم حنينه بين الفينة والأخرى إلى أبنه من زوجته الأوكرانية (مصعب) الذي يمثل نوعا من محاولات أعادة (الأندماج) بأوروبا.
جورج كلوني/وجه أمريكا القبيح: أرتبط أسم الممثل جورج كلوني بالبطل عن طريق فيلم سينمائي حضره البطل، ثم كان وصفه لجورج (أمريكا) بالمتعجرف، وأنه يقوم بالمساعدات في دارفور كغطاء عن عيوبه، وكنوعا من النفاق، وأتخاذ وسيلة المبادئ لغايات سيئة، مما سبق تتجلى لنا حقيقة تلك العلاقة (إن وجدت) بين السودان وأمريكا.

صدرت "بث مباشر" عن مومنت في لندن – ديسمبر 2016 ونشرت الدراسة في أكتوبر 2016 بمجلة تكاملات الفصلية الثقافية عن مومنت 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

راما رواية البليك تغوص في أسرار الخلود وتتجاوز قواعد السرد

  في طفولتها البعيدة وهي تلعب بين مزارع الفول والفاصوليا وتسبح أحياناً مع البنات في النهر ساعة الفيضان، لم تكن خالدة تتخيل شكل مستقبلها، توفى معظم من تعرفهم ويعرفونها، كانت تحب فصل الشتاء لأنه يسمح لها بالاختباء تحت غطاء اللحاف، لتحلم، كانت طفولتها وشبابها مليئة بالفوضى فهي بنت الجزار الذي في لمحة بصر ومحض الصدفة تحول ضمن الحرس لشخصي لوزير مهم، هي بنت المرأة الطيبة القادمة من رحم الرق والبؤس، جد كان شحاذاً وتفاصيل مربكة استمرت إلى أن وجدت راجا الهندي الطيب تاجر المجوهرات، تكتمل الفرحة بميلاد الطفلة راما، الاسم المقتبس من الخلود بقداسته وأسراره. حياتها الجديدة لم تنسها ماضيها حكايات الخالة الصحفية المناضلة عوضية، والعم الذي مات بمرض لم يمهله كثيراً وسفيان، الأخ المولع بالفن والغناء، كثيراً ما يسير الماضي كشريط سينمائي بمونتاج محكم متداخل الأزمنة. كثيراً ما كانت تشعر بوخزة في صدرها وأن هنالك ما هو مؤلم في مقتبل الأيام، يموت الأب في حادثة مفجعة وهي طالبة جامعية، بكته رغم أنه لم يعد ذلك الأب الطيب الذي كسر الأعراف والتقاليد وانتصر للحب منذ أصبح من الحاشية ومرافقاً للوزير في كل أسفاره....

عن رواية الامام الغجري للكاتب عماد البليك، بقلم: فخر الدين حسب الله

في روايته "الإمام الغجري" التى يمكن وصفها بالرواية الواقعية، حيث تتحرك في جغرافيا وتاريخ محددين (السودان، 1821_الى الان)، يسرد البليك في متعة متناهيه تفاصيل الكثير من الأحداث التاريخية في السودان الحديث في رحلة البحث عن سر الغموض الذي يلف غياب أحد الرموز الدينية، الطائفية، السياسية.. واسمه الإمام سفيان النصري (الغجري). تبدأ أحداث الرواية عن صحفي سودانى، يحاول أن يكشف القناع والأسرار حول غياب الامام الغجري قبل عدة عقود، ليجد نفسه أم ام ملف شائك، شديد التعقيد . الصحفي بعد أن أمسك ببعض الخيوط وقبل أن تكتمل، اغتيل قبل أن ينشر ما لديه، اصابع الاتهام تتجه الى السلطة الحاكمة، فالنظام يقبض علي حرية النشر، ويضيق على الحريات، ويمنع الحديث حول غياب الإمام. وللنظام سوابق في الاغتيالات والتعذيب، فقد اغتيل صحفيون من قبل. يلجأ آخرون ينتمون إلى مؤسسات الدولة الحديثه الي عملية تحضير الأرواح لمعرفة ماذا كان يريد أن يقول الصحفي.. تسير الرواية بأقوال روح الصحفي.. لتحكى الروح حقيقة ما جري مضافا إليها خواطره وآرائه . تكشف الرواية عن الحبل السري بين السياسي ورجل الدين وانع...

المناورة والطريق الأفضل.. إلى حمدوك مرة أخرى

لقد أهتم العلماء في فترة التنوير الأوروبي بالطبيعة، والأحياء، كيف تشكلت في الماضي. في سبيل السيطرة على المستقبل، لأن أدراك نسق التشكيل في التاريخ، يقود إلى التحكم في القادم.   قبل أن يأتي داروين الذي كسب شهرة كبيرة بنظرية التطور، جرب آخرون أغفلهم التاريخ هذا النمط من التفكير، ومنهم جان باتيست لامارك، الذي يعتبر أول من استخدم مصطلح البيولوجيا بالمعنى الحديث. وكان تقريبا أول من صاغ نظرية شبه متكاملة في التطور الإحيائي. استهل بذكر لاما رك، للاستشهاد بمقولته: "هل نتحرك أفضل حين تتقطع بنا السبل ولا نجد مخرجا.. عندما يتغير كل شيء؟" الفكرة تقوم على أن الكائنات في محيطها الطبيعي، دائما ما تلجأ إلى الحل في ساعات الاستعصاء القصوى، عندما يتبدل كل شيء تماما. تصل ما يمكن الاصطلاح عليه بلحظة "التلاشي". هنا تناور بطريقة جديدة. تستخدم كافة السبل الممكنة التي لم تخطر من قبل، وتستطيع أن تحدث انقلابا في الطبيعة نفسها لصالحها. هذا الأمر ينطبق ليس على الحيوانات والأحياء في فطرتها. بل على المجتمعات، ففن المناورة في "المساحات الصغيرة" أو "الفرص المعتمة" يقود إل...