التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تأملات في هوية النص

ما هو النص؟ فالكثير ممن يمارسون عملية الكتابة، لا يتوقفون عند هذا السؤال ما يجعل المنتج «الكتابي/ الإبداعي» خارج سياق النص في المفهوم المفكر فيه أو اللامفكر فيه، أي خارج النص وفق دلالته التي تجعله اعتباريا وأكيداً وفاعلاً.
 إن الإجابة على هذا السؤال تحرر الكاتب من ثقل الغثاء ومن أمور يقع فيها وتشكل عثرات أمامه دون ان ينتبه، باعتقاده مثلا أن النص هو اللغة او التركيب البلاغي أو الجمل المتراكبة بعضها تلو بعض وغيرها. من المسائل المتعلقة بالهيئة الشكلية.
أو قد ينزح إلى التخييل فيعتقد أن النص هو فضاء ذهني وتخييلي، بمعنى أن عليه أن يصب معين خياله ويفرغه معتمداً على عملية تفكيك لاواعية لأسرار ومختزنات تجربته الإنسانية ومخزونه القرائي وأفكاره وما يسمعه ويتفاعل به مع الناس والعالم بشكل عام.
 كذلك قد يتوقف مع النص على أنه نقل حرفي للواقع، أو قصة وحكاية ما نعيشه ونخزنه في الذاكرة ثم نصبه من جديد في مساحة الورق أو الشاشة.
 قطعا لكل هذا علاقة بالمفهوم الواسع للنص، لكنه لا يقدم الصورة الأشمل لماهيته أو تعريفه الذي يعزز فهم الكتابة عند الكاتب، فهذه الاحتمالات هي اشتغال على تعريف لحواف النص وليس النص نفسه.
 فالنص مسألة معقدة ومركبة تبدأ من الذات المبدعة/ الكاتبة نفسها، قبل أي شيء آخر دون أن تنتهي في المساحة التي يسجل عليها المسطور، وحيث أن ذلك المسطور – وحده – لا يعني النص، إذ أنه لابد من الترابطات التي تسبق وتعقب ذلك السطر.
 إذاً فالنص هو فضاء الحراك الذي تصنعه التجربة الذاتية في تجليها باتجاه العالم والكينونة ومن ثم تبلور ذلك في شكل حيز محدد يعبر عنه باللغة والخيال والانتباه ومن ثم يخرج ذلك بعدها في فضاء اللاوعي بحيث يصبح مِلكاً لذات أخرى تحاول عبر القراءة وفعلها أن تعيد إنتاج المعنى، الذي لن يكون هو – حتما- فدائما تظل هناك مساحة بين ما أراده الكاتب أو ما عبر عنه وما تفرخ من معان في ذهن المستقبل للنص.
 كما يجب التذكير كذلك بأن الكاتب مهما بلغ به الوعي والتركيز والعمق لن يعبر عن قدرة فائقة ونهائية/مطلقة في نقل مكنونه الداخلي/ الذاتي، تجربته، لأنه يقع أمام سلطة اللغة وتشظي الذاكرة وتداعي العقل وسيطرة الوعي على اللاوعي والعكس كذلك، بحيث أننا أمام مسألة متشعبة ومعقدة.
 فعلى سبيل المثال فإن مفردة واحدة تكتب في النص في بداية جملة، مثل كلمة شجرة، سوف تحيل إلى فضاءات لامتناهية من المعاني والظلال والتقاطعات التي هي جملة أو محصلة لتجارب الكاتب نفسه، فهناك شجرة في الطفولة بل عشرات الأشجار ومئات وأشجار في كتب تمت مطالعتها وأشجار في الأشعار وأخرى مصورة في الأفلام التي شوهدت وأخرى في المدن وفي البلدان التي سافرها بحيث تصبح الشجرة ذات دلالة لامحدودية لها.
 ويتوالى ذلك ليكتسب بعدا متواليا هندسيا عند القارئ / المستقبل، وبقدر ما يكون التأطير بكلمة، فإن المعنى مع كلمة أخرى إلى جملة كاملة، ينفتح بمتوالية جديدة في إنتاج المعنى وحركته الجدلية باتجاه التأويل اللامحدد.

تعليقات

‏قال kallentabone
Casinos Near Foxwoods Resort Casino - Mapyro
Discover the 10 casinos closest to Foxwoods Resort Casino in Mashantucket, 논산 출장마사지 CT. Find reviews, photos & more.What are the check-in 상주 출장샵 and check-out times at 김천 출장마사지 Casinos Near Foxwoods Resort Casino?Can I park a car at 부천 출장샵 Casinos Near 남양주 출장마사지 Foxwoods Resort Casino?

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

راما رواية البليك تغوص في أسرار الخلود وتتجاوز قواعد السرد

  في طفولتها البعيدة وهي تلعب بين مزارع الفول والفاصوليا وتسبح أحياناً مع البنات في النهر ساعة الفيضان، لم تكن خالدة تتخيل شكل مستقبلها، توفى معظم من تعرفهم ويعرفونها، كانت تحب فصل الشتاء لأنه يسمح لها بالاختباء تحت غطاء اللحاف، لتحلم، كانت طفولتها وشبابها مليئة بالفوضى فهي بنت الجزار الذي في لمحة بصر ومحض الصدفة تحول ضمن الحرس لشخصي لوزير مهم، هي بنت المرأة الطيبة القادمة من رحم الرق والبؤس، جد كان شحاذاً وتفاصيل مربكة استمرت إلى أن وجدت راجا الهندي الطيب تاجر المجوهرات، تكتمل الفرحة بميلاد الطفلة راما، الاسم المقتبس من الخلود بقداسته وأسراره. حياتها الجديدة لم تنسها ماضيها حكايات الخالة الصحفية المناضلة عوضية، والعم الذي مات بمرض لم يمهله كثيراً وسفيان، الأخ المولع بالفن والغناء، كثيراً ما يسير الماضي كشريط سينمائي بمونتاج محكم متداخل الأزمنة. كثيراً ما كانت تشعر بوخزة في صدرها وأن هنالك ما هو مؤلم في مقتبل الأيام، يموت الأب في حادثة مفجعة وهي طالبة جامعية، بكته رغم أنه لم يعد ذلك الأب الطيب الذي كسر الأعراف والتقاليد وانتصر للحب منذ أصبح من الحاشية ومرافقاً للوزير في كل أسفاره....

عن رواية الامام الغجري للكاتب عماد البليك، بقلم: فخر الدين حسب الله

في روايته "الإمام الغجري" التى يمكن وصفها بالرواية الواقعية، حيث تتحرك في جغرافيا وتاريخ محددين (السودان، 1821_الى الان)، يسرد البليك في متعة متناهيه تفاصيل الكثير من الأحداث التاريخية في السودان الحديث في رحلة البحث عن سر الغموض الذي يلف غياب أحد الرموز الدينية، الطائفية، السياسية.. واسمه الإمام سفيان النصري (الغجري). تبدأ أحداث الرواية عن صحفي سودانى، يحاول أن يكشف القناع والأسرار حول غياب الامام الغجري قبل عدة عقود، ليجد نفسه أم ام ملف شائك، شديد التعقيد . الصحفي بعد أن أمسك ببعض الخيوط وقبل أن تكتمل، اغتيل قبل أن ينشر ما لديه، اصابع الاتهام تتجه الى السلطة الحاكمة، فالنظام يقبض علي حرية النشر، ويضيق على الحريات، ويمنع الحديث حول غياب الإمام. وللنظام سوابق في الاغتيالات والتعذيب، فقد اغتيل صحفيون من قبل. يلجأ آخرون ينتمون إلى مؤسسات الدولة الحديثه الي عملية تحضير الأرواح لمعرفة ماذا كان يريد أن يقول الصحفي.. تسير الرواية بأقوال روح الصحفي.. لتحكى الروح حقيقة ما جري مضافا إليها خواطره وآرائه . تكشف الرواية عن الحبل السري بين السياسي ورجل الدين وانع...

المناورة والطريق الأفضل.. إلى حمدوك مرة أخرى

لقد أهتم العلماء في فترة التنوير الأوروبي بالطبيعة، والأحياء، كيف تشكلت في الماضي. في سبيل السيطرة على المستقبل، لأن أدراك نسق التشكيل في التاريخ، يقود إلى التحكم في القادم.   قبل أن يأتي داروين الذي كسب شهرة كبيرة بنظرية التطور، جرب آخرون أغفلهم التاريخ هذا النمط من التفكير، ومنهم جان باتيست لامارك، الذي يعتبر أول من استخدم مصطلح البيولوجيا بالمعنى الحديث. وكان تقريبا أول من صاغ نظرية شبه متكاملة في التطور الإحيائي. استهل بذكر لاما رك، للاستشهاد بمقولته: "هل نتحرك أفضل حين تتقطع بنا السبل ولا نجد مخرجا.. عندما يتغير كل شيء؟" الفكرة تقوم على أن الكائنات في محيطها الطبيعي، دائما ما تلجأ إلى الحل في ساعات الاستعصاء القصوى، عندما يتبدل كل شيء تماما. تصل ما يمكن الاصطلاح عليه بلحظة "التلاشي". هنا تناور بطريقة جديدة. تستخدم كافة السبل الممكنة التي لم تخطر من قبل، وتستطيع أن تحدث انقلابا في الطبيعة نفسها لصالحها. هذا الأمر ينطبق ليس على الحيوانات والأحياء في فطرتها. بل على المجتمعات، ففن المناورة في "المساحات الصغيرة" أو "الفرص المعتمة" يقود إل...