تبدأ أحداث الرواية عن صحفي سودانى، يحاول أن يكشف القناع والأسرار حول غياب الامام الغجري قبل عدة عقود، ليجد نفسه أمام ملف شائك، شديد التعقيد .
الصحفي بعد أن أمسك ببعض الخيوط وقبل أن تكتمل، اغتيل قبل أن ينشر ما لديه، اصابع الاتهام تتجه الى السلطة الحاكمة، فالنظام يقبض علي حرية النشر، ويضيق على الحريات، ويمنع الحديث حول غياب الإمام. وللنظام سوابق في الاغتيالات والتعذيب، فقد اغتيل صحفيون من قبل. يلجأ آخرون ينتمون إلى مؤسسات الدولة الحديثه الي عملية تحضير الأرواح لمعرفة ماذا كان يريد أن يقول الصحفي.. تسير الرواية بأقوال روح الصحفي.. لتحكى الروح حقيقة ما جري مضافا إليها خواطره وآرائه .
تكشف الرواية عن الحبل السري بين السياسي ورجل الدين وانعكاسات ذلك على الواقع السودانى، وكيف تم خلق التصورات وصناعة الخيال في المجتمع السودانى بأن رجل الدين يجب أن يكون خارقًا، والمجتمع السودانى نفسه كان مهيأ لذلك، وكانت لديه النزعة للاعتقاد في الخوارق والغيبيات، وكان الأثير مشحونًا بالبدع والخرافات، لذا وجد الناس في هذه النظرية ما يلبي طموحهم.. وهى تتفق بلا شك ربما تتطابق مع ظنونهم.. فتماهى المجتمع معها، وطفق يبحث عن سياسي سيريالي، منقذ، مماثلًا لرجل الدين، مما حفز رجال الدين وزعماء الطوائف للعب دور البطولة في المشهد السياسي السودانى .
في الرواية، يهيئ عماد البليك المسرح ليطرح عدة قضايا وأمراض يعانى منها المجتمع السودانى وتجليات ذلك على كافة مناحى حياته لتجد أن كل المجتمع غارقا في الغياب ليس مستثنى رغم منها أحد حتى ان مؤسسات الدوله تلجأ إلى الكهنة والمشعوذين والسحره..
رغم أن طابع الرواية بوليسي إلا أنها تعكس بوضوح حركة المجتمع السودانى والمتغيرات السياسية.. ومصادر وعيه. اذ ان كل من حاول استجلاء الحقيقه عن غياب الغجري وجد قصصًا مختلفة من صحابة الامام.. فالإمام عاش حياة غريبة، مما فتح المجال السردي وبخيال واسع وعقل نقدي حاضر، على الحكايات الشعبية والأساطير أن تُحكي على ألسنة حوارييه. هذه الأجواء المشوشة قد جعلت الحقائق الجلية تختلط بالأكاذيب والأوهام.. الثوابت تشوبها الشكوك، وتنفتح أبواب الإحتمالات حتى تظن أن الواقع مجرد حلم.
الروايه حوالى الثلاثمائة صفحة، تتداخل روايات صغيرة في بطنها لتشكل عملًا ابداعىًا رائعًا.. حين تدخل إلى عوالمها يصلك إحساس الانتماء إليها، وتشحذ خيالك للبحث عن سر غياب الإمام .
تعليقات