التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ترشيح "شاورما" لجائزة البوكر

تم ترشيح رواية "شاورما" للكاتب والروائي السوداني عماد البليك لجائزة البوكر للرواية العربية في دورتها التاسعة لعام 2016 وذلك من قبل ناشرها "مومنت" في المملكة المتحدة لندن، وذلك بعد النجاح الذي وجدته الرواية التي صدرت في سبتمبر الماضي، حيث كتبت عنها عشرات المقالات النقدية.
والرواية تصور عبر قصة صبي يهرب من منزل أسرته المفككة رحلة الصعود في الحياة لهذا الصبي، بموازاة تحولات السودان في ثلاث حقب سياسية وكيف انتهت البلاد إلى الانقسام والطبقية وانحسار المجتمع القديم.
وتتناول الرواية العهد المايوي وفترة الديمقراطية الثالثة ثم فترة الإنقاذ الحالية عبر شخصيات تمثلها، في تلازم مع ما عاشه المجتمع السوداني من تغيرات وهزات اجتماعية غير مسبوقة في تاريخه.


وبحسب "الجزيرة نت" فقد اتكأ البليك في سرده على الأشخاص وما يعانونه من أزمات إنسانية واقتصادية ونفسية ومدى انعكاس ذلك عليهم أخلاقيا وعلى المجتمع بأسره، كما حرص على إخفاء أسماء شخوص الرواية والتدليل عليها بصفاتها داخل المجتمع مثل "الأعرج، والسيدة، والخال" في سياق سردي متكامل، اعتمد فيه على واقعية اجتماعية، مما أعاد الذاكرة إلى المدارس السردية الكلاسيكية.
كما ابتعد صاحب "شاورما" عن سيطرة الراوي العليم على عوالم الرواية، وترك لأبطاله حرية التعبير عن أزماتهم على الرغم من محاولته إبداء صوت الراوي تعليقا على ما أصاب أبطال الرواية من تمزق وتشتت وانكفاء على الذات والبحث عن الخلاص الفردي حتى ولو تجاوزوا المجتمع وانفلتوا منه.
وتأسست الرواية على مبدأ التبني من جانب الثري التركي صاحب مطعم الشاورما الذي فقد ابنه ووجد في تبني بطل الرواية سلوانا له، محاولا ربط مصيره به، وما أصاب البطل من تغيرات جراء ذلك ودخوله في صراع نفسي جراء الثراء المفاجئ وتأثيره على شخصيته.
وهذه الصدمة هي المماثل لصدمة المجتمع وظهور الأثرياء الجدد وما تبع ذلك من تبدلات وتأثيرات أخلاقية واجتماعية ساهمت في هزات عانى منها المجتمع السوداني في الثلاثة عقود الأخيرة، حيث برزت الطبقة الطفيلية واختفت الطبقة الوسطى وظهر الفقر الشديد في المجتمع.
وكان للثراء المفاجئ الذي أصاب بطل الرواية دوره في دخوله عوالم لاأخلاقية ارتبطت بالأثرياء الجدد وتصوراتهم للمجتمع وعلاقتهم القائمة معه على المنفعة والمتعة.
وكانت الحياة السابقة لبطل الرواية متعددة في منشئه من هروب جراء عنف الأب واللياذ بالتشرد واختبار حياة أطفال الشوارع وحياتهم الخارجة عن القانون والمجتمع، "فكرة الهروب لم تكن جديدة، كانت تراودني من مرة لأخرى خاصة مع شعوري المستمر بالغربة في هذا البيت، أبي كان يستمر في أفعاله السيئة، وأمي كانت لا تفعل شيئا.. تتخذ الحياد المؤلم".
ويقول الكاتب عماد البليك إنه اكتشف وهو يكتب أنه كان يسجّل ثلاث حقب من تاريخ السودان والأوجاع المستمرة والأنين، وتناول سرديا تفكك المفاهيم الاجتماعية التقليدية ونهاية الأسرة. وبين ثنايا ذلك كان يحاول الإجابة على السؤال الذي يهمه كإنسان يبحث عن مستقبل أفضل لبلده.
من جانبه، يقول الناقد عز الدين ميرغني إن "شاورما" كتبت بتقنية السيرة الذاتية للراوي، وقد أفادت هذه التقنية في استدعاء جزء من التاريخ المنسي في مجتمعاتنا الحديثة لأنها دخلت بعمق في فجوات الواقع.
وأضاف ميرغني أن الرواية كانت موفقة في عدم تسمية الأماكن جغرافيا، مما ساعد على أن يكون النص مفتوحا على كل المجتمعات الإنسانية.
وأشار ميرغني إلى أن الكاتب استفاد أيضا من تقنية الحكي داخل الحكي، وهو ما جعل الرواية مشوقة، لاسيما أنها تخضع لمنطق الواقع الذي حكت عنه دون مبالغة أو شطح خيالي.
من جهته، يذهب الروائي والناقد عيسى الحلو إلى أن البليك في هذه الرواية يأخذ من الواقع بشكل مباشر ويبدو متأثرا بفكرة بلورة شكل الواقع الاجتماعي وتشابكاته السياسية والاقتصادية، وذاك منهج الرواية الأوروبية في القرن التاسع عشر.


تعليقات

‏قال Unknown
أين تباع هذه الرواية في مكتبات الامارات؟؟

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

راما رواية البليك تغوص في أسرار الخلود وتتجاوز قواعد السرد

  في طفولتها البعيدة وهي تلعب بين مزارع الفول والفاصوليا وتسبح أحياناً مع البنات في النهر ساعة الفيضان، لم تكن خالدة تتخيل شكل مستقبلها، توفى معظم من تعرفهم ويعرفونها، كانت تحب فصل الشتاء لأنه يسمح لها بالاختباء تحت غطاء اللحاف، لتحلم، كانت طفولتها وشبابها مليئة بالفوضى فهي بنت الجزار الذي في لمحة بصر ومحض الصدفة تحول ضمن الحرس لشخصي لوزير مهم، هي بنت المرأة الطيبة القادمة من رحم الرق والبؤس، جد كان شحاذاً وتفاصيل مربكة استمرت إلى أن وجدت راجا الهندي الطيب تاجر المجوهرات، تكتمل الفرحة بميلاد الطفلة راما، الاسم المقتبس من الخلود بقداسته وأسراره. حياتها الجديدة لم تنسها ماضيها حكايات الخالة الصحفية المناضلة عوضية، والعم الذي مات بمرض لم يمهله كثيراً وسفيان، الأخ المولع بالفن والغناء، كثيراً ما يسير الماضي كشريط سينمائي بمونتاج محكم متداخل الأزمنة. كثيراً ما كانت تشعر بوخزة في صدرها وأن هنالك ما هو مؤلم في مقتبل الأيام، يموت الأب في حادثة مفجعة وهي طالبة جامعية، بكته رغم أنه لم يعد ذلك الأب الطيب الذي كسر الأعراف والتقاليد وانتصر للحب منذ أصبح من الحاشية ومرافقاً للوزير في كل أسفاره....

عن رواية الامام الغجري للكاتب عماد البليك، بقلم: فخر الدين حسب الله

في روايته "الإمام الغجري" التى يمكن وصفها بالرواية الواقعية، حيث تتحرك في جغرافيا وتاريخ محددين (السودان، 1821_الى الان)، يسرد البليك في متعة متناهيه تفاصيل الكثير من الأحداث التاريخية في السودان الحديث في رحلة البحث عن سر الغموض الذي يلف غياب أحد الرموز الدينية، الطائفية، السياسية.. واسمه الإمام سفيان النصري (الغجري). تبدأ أحداث الرواية عن صحفي سودانى، يحاول أن يكشف القناع والأسرار حول غياب الامام الغجري قبل عدة عقود، ليجد نفسه أم ام ملف شائك، شديد التعقيد . الصحفي بعد أن أمسك ببعض الخيوط وقبل أن تكتمل، اغتيل قبل أن ينشر ما لديه، اصابع الاتهام تتجه الى السلطة الحاكمة، فالنظام يقبض علي حرية النشر، ويضيق على الحريات، ويمنع الحديث حول غياب الإمام. وللنظام سوابق في الاغتيالات والتعذيب، فقد اغتيل صحفيون من قبل. يلجأ آخرون ينتمون إلى مؤسسات الدولة الحديثه الي عملية تحضير الأرواح لمعرفة ماذا كان يريد أن يقول الصحفي.. تسير الرواية بأقوال روح الصحفي.. لتحكى الروح حقيقة ما جري مضافا إليها خواطره وآرائه . تكشف الرواية عن الحبل السري بين السياسي ورجل الدين وانع...

المناورة والطريق الأفضل.. إلى حمدوك مرة أخرى

لقد أهتم العلماء في فترة التنوير الأوروبي بالطبيعة، والأحياء، كيف تشكلت في الماضي. في سبيل السيطرة على المستقبل، لأن أدراك نسق التشكيل في التاريخ، يقود إلى التحكم في القادم.   قبل أن يأتي داروين الذي كسب شهرة كبيرة بنظرية التطور، جرب آخرون أغفلهم التاريخ هذا النمط من التفكير، ومنهم جان باتيست لامارك، الذي يعتبر أول من استخدم مصطلح البيولوجيا بالمعنى الحديث. وكان تقريبا أول من صاغ نظرية شبه متكاملة في التطور الإحيائي. استهل بذكر لاما رك، للاستشهاد بمقولته: "هل نتحرك أفضل حين تتقطع بنا السبل ولا نجد مخرجا.. عندما يتغير كل شيء؟" الفكرة تقوم على أن الكائنات في محيطها الطبيعي، دائما ما تلجأ إلى الحل في ساعات الاستعصاء القصوى، عندما يتبدل كل شيء تماما. تصل ما يمكن الاصطلاح عليه بلحظة "التلاشي". هنا تناور بطريقة جديدة. تستخدم كافة السبل الممكنة التي لم تخطر من قبل، وتستطيع أن تحدث انقلابا في الطبيعة نفسها لصالحها. هذا الأمر ينطبق ليس على الحيوانات والأحياء في فطرتها. بل على المجتمعات، ففن المناورة في "المساحات الصغيرة" أو "الفرص المعتمة" يقود إل...