التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

فصول من رواية "القط المقدس"

"في داخل مخيّ يتجول، كما في شقته، قط جميل، عذب وفاتن. قط بالكاد تسمع له صوتاً حين يموء «إنه روح المكان الأليفة، يحكم، يترأس، يلهم كل الأمور في مملكته، هل تراه الجن أم تراه السيد الكلي الحضور؟" الشاعر الفرنسي بودلير -1- كعادته يعشق بالتوس التسكع في شوارع المدينة، مع الفجر. يشاهد الشمس وهي تشرق بين بنايتين عاليتين قريبا من جسر يؤدي إلى الناصية الثانية من الشارع الذي يقع فيه مسكنه. كان يسير بهدوء، متأملا ماذا بإمكانه أن يرسم اليوم، ربما تولد لوحة جديدة في الذهن مع تهاويم هذا الصباح الباريسي، المعطر برائحة ذكريات قديمة، لكن احتمالات الميلاد دائما ما تصعب ساعة يبدأ في الرسم. تحديدا عندما يمسك بالريشة ويحك رأسه عدة مرات بأصبع واحد ثم أصبعين، هما متورمان هذه الأيام لمرض غامض. يكره بالتوس زيارة الطبيب، فقط عندما يتعلق الأمر بقطه الذي فقده قبل عدة سنوات؛ فلا تردد أبدا، فهو سيسارع إلى حمله في صندوق صغير بعد أن يفرش له ورد معطر من حديقة السطح في البيت، وسيكون بعد دقائق قليلة أمام عيادة الطبيب البيطري نيرون، ذلك الرجل القاسي كأسلافه. يفهم قسوة نيرون، غير أنه لا بد...

"دناءة التحدث باسم الآخرين" !

هذه  ت أملات في آليات الاشتغال السوداني في دولايب السلطة والاخلاق .. إشارة : هذا العنوان مستوحى "نصا" من محاورة اثنين من الفلاسفة الفرنسيين : ميشيل فوكو، وجيل دولوز يقول دولوز" اذا توصل الأطفال الصغار إلى توصيل وتبليغ مطالبهم أو اسماع احتجاجاتهم في الحضانات بل وحتى اسئلتهم فإن ذلك يكفي لإحداث انفجار في كل مننظومة التعليم.. من هنا فإن النظام الذي نعيش فيه لا يستطيع أن يحتمل اي شيء ومن هنا هشاشته الجذرية، في كل نقطة ومستوى ، وفي الوقت نفسه يوضح ويبين قمعه الشامل . في نظري ، لقد كنت من علمنا شيئا أساسيا في كتبك - يخاطب دولوز فوكو - وفي مجال الممارسة السياسية أنه: دنائة التحدث من أجل الآخرين.. إننا نسخر من التمثيل ، إننا نقول : إن التمثيل قد انتهى ... " *** دموع وطن جريح المثقف.. المثقف.. المثقف.. كلمة كثيرا ما نسمعها.. تختلف مدلولاتها ومعانيها من شخص لآخر.. ولا ارغب هنا في وعيها بحسب المعاجم والقواميس أو فذلكلات "الثقافة" .. فلردح من الوقت ظللت مخدوعا بهذه الفكرة الضليلة.. ومع الزمن كنت اكتشف ان الخدعة التي تتلبس المثقف هي سلطة في حد ذاتها تج...

الشمولية والليبرالية.. .. يلتقيان حيث يفترقان !!

إن الأنظمة الشمولية هي رؤية أحادية ذات نفعية عالية ومصالح آنية بحتة، ورغم استنادها على فلسفة إنسانية، إلا أنها فلسفة أخفقت قراءة الكائن البشري في كافة أبعاده من حيث حقوقه وواجباته كفرد وكعضو في المجتمع، وبالتالي لا نتوقع من مثل هذه الأنظمة أن تقدم لنا أي تصور أو ممارسة عقلانية فيما يتعلق بحقوق الإنسان. فلن نتوقع إذن من الشمولية سوى تكريس الاستبداد في المجتمعات التي حكمتها من ناحية اصطلاحية وإطار مفهومي فإن الشمولية تطلق على الأنظمة ذات المركزية العالية في التسلط على كافة أوجه الحياة الإنسانية، من سياسة لاجتماع، لاقتصاد إلى فكر الخ.. وهو ما يعني أن ثمة مصدر وحيد للتشريع ومركزية في السلطان وتشديد في الرقابة على المجتمع ككل، الأمر الذي يحول الإنسان إلى كائن معطل الفكر من ناحية نظرية، بيد أنه من ناحية منطقية وعملية فإنه من غير الممكن أن تصادر حرية الآخرين، فالإنسان سوف يفكر ويعمل في العلن أو السر وسوف يواجه كافة الظروف والتحديات حتى يصل إلى هدفه وحتى ينال حقوقه المهضومة. لهذا تفشل أي سلطة تحاول أن تعمل بناء على منهج المركزة المصادرة للحريات الأساسية والطبيعية . ويرى الباحثون ...