ملحوظة : تمزج هذه الكتابة بين التخيل والحقيقة
1
الأشياء هي القلق.. كيف تكون الأشياء قلقا ؟ - وهذا لا يعني أنها قلقة- سؤال لا تفكر الأشياء فيه، لأني أعتقد في سكونها – عفوا غياب العقل عنها – لكني لا أقدر على أن أجزم أن الأشياء بلا عقل.. سأحاول أن أبحث عن مفردة مناسبة، لأعبر بها عن هذه العبارات : قلق الأشياء، غياب عقلها، غير أن الحصول على هذه العبارة – كنت قد قلت مفردة سابقا – مهمة صعبة جدا – هل هي مهمة ؟ أم مغامرة ؟ أم اشتياق للحظة ضائعة يقبض فيها الإنسان على الكون.
يحاول الإنسان السيطرة على الأشياء في كل لحظات وجوده. ولو كانت الأشياء لا تعاني القلق، لاستطاع أن يقبض عليها، وأن يشكلها كما شاء. كانت اللغة أول مغامرة إنسانية لاستفزاز العالم، تجريد الأشياء والكائنات عن أبعادها في حيز المكان، بهدف إحالتها إلى ما لا يُرى، لكنه يُحس ويمكن القبض عليه، عن طريق الوهم – المخيلة - .. ما الذي يعنيه الوهم في الجملة السابقة ؟ هل يعني أن الفعل لم يتم – فعل القبض – أم أنه تمّ بنحو ما، سرعان ما نسيّه الإنسان ؟
دائما ما ننسى، وعند بعض الفلاسفة يعني النسيان، ذاكرة إيجابية، بمعنى إذا كانت الذاكرة هي البحث عن لحظات ضائعة في الحياة للسيطرة عليها، بهدف الانتباه الذي يقتل الزمن – اللحظة – وهي حلم كل كائن يرغب في الخلود، فإن النسيان يصبح اغتيالا للزمن، يجعل العالم يفرغ الماضي والمستقبل في إناء مجهول الهوية، لا يمكن أن نقول أنه جزء من الزمن، أو مرتبط به بشكل ما، إنه إناء المطلق، أو الحقيقة التي يبحث الكائن عنها حتى يدرك السعادة، التي تعني ذروة النشوة والاندماج في عالم من الغيب الجميل.
2
إذن القلق لا يتعلق بي أو بك.. هو خاصية تملكها الأشياء التي حولنا في حالة وجودها وانتباهها الخاص جدا، نسيانها وذاكرتها الإيجابية، لتسيطر علينا، فنحرم الذات من الغيب الجميل، لنصبح مأسورين للحظة بالذاكرة في أشد صورها سلبية ووقاحة، تلك الصورة التي تجعلنا نفقد خاصية الوجود، لكي نموت دائما.. فدائما نكون ( نحن ) ميتين. فالموت هو نزوح الذات نحو التذكر المستمر، محاولة القبض – الفاشلة – على الأشياء باللغة، أن ندع قلقنا بعيدا ونطارد قلق العالم الخارجي، في حين تكون الحياة هي النسيان.
قال لي والدي الذي قرر الذهاب إلى الحج: إن الحج يعني الانتماء للذات، وحدثني أن تعذيب الذات يفهم على أنه أشد حالات الانتماء الصادقة للنفس. يقصد أن يعلمني أن الألم ضروي للحياة. لم يقرأ والدي فولتير، لكنه أكتشف فكرة جوهرية للعيش وبخبراته الخاصة جدا، تعلمها ولدهِ من الكتب. وقد لفتني الوالد إلى أن الإنسان هو الذي يقرر مصيره، وليست هي الأشياء التي تقرر به.
تذكرت قصة قرأتها لكاتب عربي – نسيت اسمه - بعنوان: ( رجل قررت به الريح ) ففهمت السبب الذي جعل الكاتب يختار هذا العنوان، فإذا قرر الرجل بالريح، كانت الأمور طبيعية وفقد الرجل معنى تعذيب الذات ولحظات الانتماء الخالدة، لكن بمجرد أن الريح قد قررت بهذا الرجل – الذي نسيت قصته وهذا شيء إيجابي في اعتقادي ( راجع ما ذكر بشأن الذاكرة الإيجابية والنسيان) – فإن الرجل أخلص لذاته ولمغزى وجوده باكتساب الألم والمتعة في أن يكون متسلطا وسلطانا على الريح.
هناك نوعان من المتعة، مثلما هناك نوعان من الذاكرة : متعة يتم تحصيلها بسلطان الذات على العالم الخارجي، ومتعة تتم بسيطرة الخارج على الذات، الأولى هي السلطة، الدمار والموت، والثانية هي الحبّ واكتشاف نور الحياة الحقيقي بأن نجعل الآخر يسيطر علينا، ومن اكتشفوا ذلك المعنى مثل طبقات العبيد في مجتمع الهند، التي تكسب مغزى حياتها من خلال استمرارها في الإخلاص للسيد، بجعله يستمر في (تعذيبها). لكن العبد لا ينظر إلى الأمر على أنه تعذيب، بل يرى فيه المتعة الخالصة، الحج - الحج يعني الانتماء للذات، وتعذيب الذات يفهم على أنه أشد حالات الانتماء الصادقة للنفس (راجع ما قاله الوالد).
تعرّف القواميس العربية المتعة على أنها مرتبطة ببلوغ الشيء غاية الجودة.. تقول العرب: مَتَعَ النهار، أي بلغ غاية ارتفاعه، وهو ما قبل الزوال. وإذا متع النبيذ فهذا يعني اشتداد حمرتُه. وإذا أمْتَعَ الله فلاناً : أنساه أجله، إما التمتع بالعمرة إلى الحج فيعني ضمّ العمرة إلى الحج، وهو ما وصفه الوالد بـ: غاية الانتماء للذات وتعذيبها إخلاصا لله. ونجد أن ارتباط المتعة بتحصيلها من الخارج، يبدو واضحا في تسمية العرب لعضو التأنيث في الزهرة بـ (المَتَاع)، ففي مجتمع ذكوري، كان لابد من استقصاء فكرة أن يُسمى العضو الذكر للزهرة بـالمتاع.
1
الأشياء هي القلق.. كيف تكون الأشياء قلقا ؟ - وهذا لا يعني أنها قلقة- سؤال لا تفكر الأشياء فيه، لأني أعتقد في سكونها – عفوا غياب العقل عنها – لكني لا أقدر على أن أجزم أن الأشياء بلا عقل.. سأحاول أن أبحث عن مفردة مناسبة، لأعبر بها عن هذه العبارات : قلق الأشياء، غياب عقلها، غير أن الحصول على هذه العبارة – كنت قد قلت مفردة سابقا – مهمة صعبة جدا – هل هي مهمة ؟ أم مغامرة ؟ أم اشتياق للحظة ضائعة يقبض فيها الإنسان على الكون.
يحاول الإنسان السيطرة على الأشياء في كل لحظات وجوده. ولو كانت الأشياء لا تعاني القلق، لاستطاع أن يقبض عليها، وأن يشكلها كما شاء. كانت اللغة أول مغامرة إنسانية لاستفزاز العالم، تجريد الأشياء والكائنات عن أبعادها في حيز المكان، بهدف إحالتها إلى ما لا يُرى، لكنه يُحس ويمكن القبض عليه، عن طريق الوهم – المخيلة - .. ما الذي يعنيه الوهم في الجملة السابقة ؟ هل يعني أن الفعل لم يتم – فعل القبض – أم أنه تمّ بنحو ما، سرعان ما نسيّه الإنسان ؟
دائما ما ننسى، وعند بعض الفلاسفة يعني النسيان، ذاكرة إيجابية، بمعنى إذا كانت الذاكرة هي البحث عن لحظات ضائعة في الحياة للسيطرة عليها، بهدف الانتباه الذي يقتل الزمن – اللحظة – وهي حلم كل كائن يرغب في الخلود، فإن النسيان يصبح اغتيالا للزمن، يجعل العالم يفرغ الماضي والمستقبل في إناء مجهول الهوية، لا يمكن أن نقول أنه جزء من الزمن، أو مرتبط به بشكل ما، إنه إناء المطلق، أو الحقيقة التي يبحث الكائن عنها حتى يدرك السعادة، التي تعني ذروة النشوة والاندماج في عالم من الغيب الجميل.
2
إذن القلق لا يتعلق بي أو بك.. هو خاصية تملكها الأشياء التي حولنا في حالة وجودها وانتباهها الخاص جدا، نسيانها وذاكرتها الإيجابية، لتسيطر علينا، فنحرم الذات من الغيب الجميل، لنصبح مأسورين للحظة بالذاكرة في أشد صورها سلبية ووقاحة، تلك الصورة التي تجعلنا نفقد خاصية الوجود، لكي نموت دائما.. فدائما نكون ( نحن ) ميتين. فالموت هو نزوح الذات نحو التذكر المستمر، محاولة القبض – الفاشلة – على الأشياء باللغة، أن ندع قلقنا بعيدا ونطارد قلق العالم الخارجي، في حين تكون الحياة هي النسيان.
قال لي والدي الذي قرر الذهاب إلى الحج: إن الحج يعني الانتماء للذات، وحدثني أن تعذيب الذات يفهم على أنه أشد حالات الانتماء الصادقة للنفس. يقصد أن يعلمني أن الألم ضروي للحياة. لم يقرأ والدي فولتير، لكنه أكتشف فكرة جوهرية للعيش وبخبراته الخاصة جدا، تعلمها ولدهِ من الكتب. وقد لفتني الوالد إلى أن الإنسان هو الذي يقرر مصيره، وليست هي الأشياء التي تقرر به.
تذكرت قصة قرأتها لكاتب عربي – نسيت اسمه - بعنوان: ( رجل قررت به الريح ) ففهمت السبب الذي جعل الكاتب يختار هذا العنوان، فإذا قرر الرجل بالريح، كانت الأمور طبيعية وفقد الرجل معنى تعذيب الذات ولحظات الانتماء الخالدة، لكن بمجرد أن الريح قد قررت بهذا الرجل – الذي نسيت قصته وهذا شيء إيجابي في اعتقادي ( راجع ما ذكر بشأن الذاكرة الإيجابية والنسيان) – فإن الرجل أخلص لذاته ولمغزى وجوده باكتساب الألم والمتعة في أن يكون متسلطا وسلطانا على الريح.
هناك نوعان من المتعة، مثلما هناك نوعان من الذاكرة : متعة يتم تحصيلها بسلطان الذات على العالم الخارجي، ومتعة تتم بسيطرة الخارج على الذات، الأولى هي السلطة، الدمار والموت، والثانية هي الحبّ واكتشاف نور الحياة الحقيقي بأن نجعل الآخر يسيطر علينا، ومن اكتشفوا ذلك المعنى مثل طبقات العبيد في مجتمع الهند، التي تكسب مغزى حياتها من خلال استمرارها في الإخلاص للسيد، بجعله يستمر في (تعذيبها). لكن العبد لا ينظر إلى الأمر على أنه تعذيب، بل يرى فيه المتعة الخالصة، الحج - الحج يعني الانتماء للذات، وتعذيب الذات يفهم على أنه أشد حالات الانتماء الصادقة للنفس (راجع ما قاله الوالد).
تعرّف القواميس العربية المتعة على أنها مرتبطة ببلوغ الشيء غاية الجودة.. تقول العرب: مَتَعَ النهار، أي بلغ غاية ارتفاعه، وهو ما قبل الزوال. وإذا متع النبيذ فهذا يعني اشتداد حمرتُه. وإذا أمْتَعَ الله فلاناً : أنساه أجله، إما التمتع بالعمرة إلى الحج فيعني ضمّ العمرة إلى الحج، وهو ما وصفه الوالد بـ: غاية الانتماء للذات وتعذيبها إخلاصا لله. ونجد أن ارتباط المتعة بتحصيلها من الخارج، يبدو واضحا في تسمية العرب لعضو التأنيث في الزهرة بـ (المَتَاع)، ففي مجتمع ذكوري، كان لابد من استقصاء فكرة أن يُسمى العضو الذكر للزهرة بـالمتاع.
تعليقات