إذا ضاقت عليك الحياة فأشغل القلب بالتفاؤل، وتخلص من الحزن والأسى، وثق أنك
سوف تتجاوز الأزمات، فالتفاؤل دواء لداء الحياة المحاصرة بالضيق والانشطار.. وإذا كنت
لا تؤمن بجدوى التفاؤل فلا تضع الحكم قبل أن تجرب، فالإنسان في كثير من الأحيان يتعامل
مع أشياء كثيرة بنوع من الضيق والخوف، لكنه بمجرد أن يجرب هذه الأشياء ويتعامل معها
يفهم أن لكل داء دواء وأن توقعات الحياة مفتوحة، وحده الجاهل الذي يغلق الأبواب ويظن
ألا ملجأ من الحزن والفقر والعذاب.
علماء النفس يركزون على التفاؤل بوصفه دافعا حيويا للإنسان، يساعده في انجاز
العمل ومواجهة التحديات والصعاب والسير قدما نحو تحقيق الأمنيات، وليس هذا من سبيل
القول فحسب، بل أن التجارب العلمية تثبت هذا الشيء، وإذا لم تثق أيضا بما يقوله العلماء
فأسال كبار السن الذين اختبروا الحياة أكثر منك وخاضوا وجالوا في معمعات الزمن، ستجد
من خلال قولهم أن هناك ما يدعو للتفاؤل والانتصار على الروتين بالانشراح وفتح مساحات
جديدة من الحياة لم تكن مرئية من قبل.
ولكي تجني نتائج التفاؤل لابد أن يكون لديك في المقام الأول الإيمان الكبير
بالهدف الذي تعمل من أجله، فالإنسان إذا تجرد عن الإيمان بهدفه لم يستطع أن يقترب من
تحقيقه، وسيظل يدور في حلقة من الفراغ العريض. ولابد أن يكون الهدف مقرونا بفائدة عامة
قبل أن يكون خاصا، فخير الأهداف تلك التي تنطلق من العام إلى الخاص، وهذه قاعدة يعرفها
الناجحون في الحياة، فمثلا نجد أن رجلا مثل بيل غيتس يقول أن سر نجاحه يعود إلى إيمانه
بأن يقدم للناس ما يخدمهم، ولولا ذلك ما استطاع أن ينجح ويصبح أغنى رجل في التاريخ
الإنساني.
ودائما نجد أن الناجحين في الحياة بشكل عام هم أناس متفاؤلون يعملون على تجاوز
المحن والأزمات بالمزيد من الفرح والانشراح وإزاحة الغضب الذي يعتبر أكبر مدمر للذات
الإنسانية، فالإنسان عندما يغضب يرى العالم أسودا ولا يستطيع أن يؤدي أي عمل بإتقان،
فالإتقان في العمل مرتبط إلى حد بعيد بالسعادة، التي هي إحساس داخلي قبل أي شيء آخر،
فالسعادة الحقيقية لا تكتسب من العالم الخارجي، بل من العالم الداخلي للذات الإنسانية،
فالإنسان يظل هو محور سعادته وبؤسه، غضبه وحزنه وفرحه، وسائر المشاعر المختلفة التي
يمكن ان تنتابه في كافة الظروف والأحوال والمصائر.
إذن المتفائل شخص ناجح وقوي وقادر على إدارة حياته في كافة جوانبها على نحو
موفق، بعكس الإنسان المتشائم الذي نجده عاجزا عن صناعة الحياة الأفضل، حيث يستمر في
شتم العالم من حوله والضيق النفسي ويرى أن علاته من علات العالم، وينسى دائما أن العلة
الأساسية تسكنه وحده، لاغير، وأن أفضل طبيب بالنسبة له هو ذاته، التي باقترابها من
الجمال والخير والمحبة والفرح، يكون قد كسب العالم وأصبح ملك الوجود دون منازع.
ثمة نماذج عديدة من حول الإنسان يمكنه أن يتعلم منها إذا أراد، حيث يظل الناس
أهواء متابينة ومشاعر مختلفة، وعلى الإنسان أن يأخذ بالطيب ويرمي بالخبيث في مزبلة
الوقت. وكلما تعلم ذلك الأمر واحترفه على نحو جيد، كان أقدر على رؤية العالم بصورة
إيجابية وكان قادرا على التسامح مع الوجود، فتسامح الإنسان مع الأشياء من حوله يبدأ
من تسامحه مع ذاته.
وأخيرا لا تخلو حياة أي إنسان من الأمور التي تكدر الذات وتقلقها، فالحياة خيط
متشابك من الاختبارات والقلق المثير، والذكي من يجعل من هذا الخيط صديقا له، بدلا من
أن يكون عدوه اللدود.
تعليقات